الجمعة، 8 ديسمبر 2017

طلعلي البكي




(1)

وجه العالم لزج ، و شرفة الدار بلا باب ، تطُل على سبع شجرات مقطوعة و سرب حمام يدور  ، حبل الغسيل ملول ، و الحجرة تسكنها روح امرأة تشعر بالاغتراب  وصلت للدار طفلة و صارت اليوم 

" طفلة أم" لأطفال تسعة . يلعب الهواء بحبل الغسيل قليلًا يروح و يجيء تبدو الكنزة البيضاء كبومة تفرد جناحيها  و الملاقط الملونة التي وزعتها السيدة صباحًا على الحبال أحلامنا الصغيرة . وصوت أزيز باب الحجرة كلما خرجت يناديها : تعالي .. لا تتركي الشرفة وحيدة !  سنبصر "كل جرح حديقة "  . وحينما تقترب و هي تحمل بيديها الصغيرتين فنجانين  من القهوة لا أميز الكلف المنثور على وجهها تحت العينين  لتدفق الضوء فجأة وحينما تقترب يختفي وجه العالم ويظل وجهها .


(2) 

السراب يملأ المكان ، الغصن الأخضر يثقل فجأة و يرتمي صوب وجهي كحبل يُرمى من مكان ما لينجد الغارقين في حزنهم ، لا وجه للعالم هذه المرة ، الهواء بارد جدًا و الفراشة خارج نافذة السيارة على جنبات الطريق المزروعة بالياسمين تعلو وتحط فيلحقها بصري ، حينما يشتد الهواء تتستمر في تحريك جناحيها الرقيقين لكنها لا تتقدم خطوة واحدة للأمام لا ترجع للوراء أيضًا ، إنها فقط تحاول ألا تُهزم .
رائحة الخبيز تفوح في الطريق لأن مخبزًا صغيرًا منذ الفجر يشعل مواقده و تحضر فيه ثلاث نساء من اليمن الفطائر الفرنسية و القهوة .
وأنا أضيع في هذا الصباح . أرجع لله و أتحدث إلى صديقتي ثم أنفجر بكاءً على أحد مقاعد المقهى .إن الأناس الحقيقيون ما هم إلا حبل من حبال الله .
لا أفكر فيك . لا أقول لو أنك هنا ، لأ أرجو أن أبكي على كتفك حتى ، لست غاضبة ، بل أسير على خطاك ، أصير ممتلئة بالرفض رغم الحب ، أتعرف مالذي يحدث في قلب معجون بالحب والرفض معًا ؟ 

ثم تجيء دون قصد مني أومنك  كما عرفتك قبل سنين ، لا تكثر الحديث لا تكترث للخراب  و تغزل المعنى عبر الأغنيات " الدنيا لو جرح لونها لون فرحة "
أقصدتُ قبل قليل أنك حين لا  أجيء ، تجيء ؟ 

لست أعرف ، لكني أريد الآن أن أغني 


بعيونك حنين "
"وبسكوتك حنين 



  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق