أجلس
و أضم ركبتي لصدري تحت النافذة على السرير
و خيط الضوء أول الصباح المار على المنضدة يشدني
صوبه . أعبث به بأصابعي أمرره رغم الخدر في أطرافي عليها بتحريكها ، أمسك المرآة
الصغيرة و أنظر لمرور خيط الضوء عبر بؤبؤ عيني ،يختفي الشحوب ، ينتهي .و أصبح فجأة
بعينين زجاجيتين و جفنين كالورد . يبرز العرق الأزرق تحت العين اليمنى كنهر
بعيد ، ألقي بالمرآة جانبا فارجع لوجهي الذابل ، يا الله أريد خيط ضوء يظل في وجهي
للأبد .
يمر في بالي وجه أحمد العربي في مفترق شارع الحسبة - رام الله الذي يقود آخره لطريق رام الله - القدس و يمتد منه طريق فرعي يقود لشارع غسان كنفاني .
يلعب بالكرة كصبي صغير بعد صلاة الجمعة ، يرتدي قميص كحلي يمد الملامح بالوداعة ، يقول أن هذا القميص بالذات دار البلاد كلها ، ذهب به زوج عمته لمكة و هو يطوف بالبيت العتيق ثم عاد به لغزة و من هناك وصله . يبدو و كأنه يحكم قبضته على شيء ما و هو يلعب، لكن يده خاويه إلا من الاشتياق لأيادي الذين يحبهم .. أيقبض على آخر سلام تركوه فيها ؟
لست أعرف ، أشعر الآن بأن الكتابة" فعل أناني " لا " لأنها تفرض عزلة داخلية ينفيك عمن حولك و يضع من حولك على الرف " مثلما تقول رضوى عاشور بل لأنني أكتب عن أحمد في الوقت الذي يشتاق هو فيه حقًا .
أحب الخريف طالما أردت أن أكون من مواليد هذا الفصل ، ترفض أمي الفكرة حينما أبوح بها لها تقول أن هذه كآبة مفرطة ، و أنها فصلي الحقيقي و الوحيد .
كيف أقنع أمي أنها تشبه الخريف ؟ و أني بدوري أشبههما معا ؟
إن الموت هو حقيقة الأشياء كلها ، بدايتها ، و ولادتها و بقاؤها ولهذا أحب الخريف لأنه يقين تام بولادة حياة ما في مكان ما . لأن الخريف يعيد ترتيل الآية التاسعة عشر من سورة الروم في صدري إذ يقول الله سبحانه و تعالى فيها
"يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ "
حينما كنت طفلة كنت أعتقد أن الخريف هو عقوبة الكون للأشجار التي بعد أن اشتد عودها و كبرت صارت تريد السير و الحراك من مكانها و هجرت ديارها ، لم تكن تفهم في البدء أنها تتحرك في أعماق الارض ، أصرت أن تسير فحلت بها العقوبه ، سقط ورقها ، جفت و اصبحت هشة و عجزت عن السير و وجدت نفسها تقف في ذات المكان الذي هجرته .
أليس الخريف تصالح الأشياء مع حقيقتها؟
تخيل لو أن الأشجار لليوم لم تعرف أن جذورها تضرب عميقا في قلب الأرض ؟
كنت أفكر بجدية تامة أن أكتب رسالة للسيدة فيروز و أقوم بلومها فيها على أغنيتها
يمر في بالي وجه أحمد العربي في مفترق شارع الحسبة - رام الله الذي يقود آخره لطريق رام الله - القدس و يمتد منه طريق فرعي يقود لشارع غسان كنفاني .
يلعب بالكرة كصبي صغير بعد صلاة الجمعة ، يرتدي قميص كحلي يمد الملامح بالوداعة ، يقول أن هذا القميص بالذات دار البلاد كلها ، ذهب به زوج عمته لمكة و هو يطوف بالبيت العتيق ثم عاد به لغزة و من هناك وصله . يبدو و كأنه يحكم قبضته على شيء ما و هو يلعب، لكن يده خاويه إلا من الاشتياق لأيادي الذين يحبهم .. أيقبض على آخر سلام تركوه فيها ؟
لست أعرف ، أشعر الآن بأن الكتابة" فعل أناني " لا " لأنها تفرض عزلة داخلية ينفيك عمن حولك و يضع من حولك على الرف " مثلما تقول رضوى عاشور بل لأنني أكتب عن أحمد في الوقت الذي يشتاق هو فيه حقًا .
أحب الخريف طالما أردت أن أكون من مواليد هذا الفصل ، ترفض أمي الفكرة حينما أبوح بها لها تقول أن هذه كآبة مفرطة ، و أنها فصلي الحقيقي و الوحيد .
كيف أقنع أمي أنها تشبه الخريف ؟ و أني بدوري أشبههما معا ؟
إن الموت هو حقيقة الأشياء كلها ، بدايتها ، و ولادتها و بقاؤها ولهذا أحب الخريف لأنه يقين تام بولادة حياة ما في مكان ما . لأن الخريف يعيد ترتيل الآية التاسعة عشر من سورة الروم في صدري إذ يقول الله سبحانه و تعالى فيها
"يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ "
حينما كنت طفلة كنت أعتقد أن الخريف هو عقوبة الكون للأشجار التي بعد أن اشتد عودها و كبرت صارت تريد السير و الحراك من مكانها و هجرت ديارها ، لم تكن تفهم في البدء أنها تتحرك في أعماق الارض ، أصرت أن تسير فحلت بها العقوبه ، سقط ورقها ، جفت و اصبحت هشة و عجزت عن السير و وجدت نفسها تقف في ذات المكان الذي هجرته .
أليس الخريف تصالح الأشياء مع حقيقتها؟
تخيل لو أن الأشجار لليوم لم تعرف أن جذورها تضرب عميقا في قلب الأرض ؟
كنت أفكر بجدية تامة أن أكتب رسالة للسيدة فيروز و أقوم بلومها فيها على أغنيتها
"وجك بيزكر بالخريف "
كيف تستطيع أن تنسى بقية الفصول ؟ أعني أن الحب ليس شيء موسميًا.. ولكني الآن أفهم حينما أميت وجهك في أعماقي " و صبابتي تحيه " كيف أننا ننتمي للخريف ، و كيف أننا نشبهه و ما المعنى الذي قصدته السيدة و هي تقول " وجك بيزكر بالخريف " ..
سأحتفظ بوجهي ذابل كما هو و ليسكن خيط الضوء قلبي يا الله .
رأيتك في منامي البارحة و صحوت و أنا أردد أن هذا الحلم جميل للحد الذي يجب أن يظل فيه مدفونًا داخلي .
لقد كانت ذراعي طويلة جدًا و كنت أطوق ذراعك اليسرى .. لأنها الاقرب للقلب ؟
كيف تستطيع أن تنسى بقية الفصول ؟ أعني أن الحب ليس شيء موسميًا.. ولكني الآن أفهم حينما أميت وجهك في أعماقي " و صبابتي تحيه " كيف أننا ننتمي للخريف ، و كيف أننا نشبهه و ما المعنى الذي قصدته السيدة و هي تقول " وجك بيزكر بالخريف " ..
سأحتفظ بوجهي ذابل كما هو و ليسكن خيط الضوء قلبي يا الله .
رأيتك في منامي البارحة و صحوت و أنا أردد أن هذا الحلم جميل للحد الذي يجب أن يظل فيه مدفونًا داخلي .
لقد كانت ذراعي طويلة جدًا و كنت أطوق ذراعك اليسرى .. لأنها الاقرب للقلب ؟
لم
نتحدث .. لم نقل أي شيء فتاة بذراع طويلة و رجل صامت ك الآلهة يتحدث عبر الأشياء و
العطايا لا الكلمات لا ينظران لوجوه
بعضهما ،يحدقان في خراب قلبيهما يحملان ما ظل منهما و يمضيان .
بعدك ظريف ؟
بعده بيعنيلك متلي الخريف ؟
..
..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق