الثلاثاء، 12 سبتمبر 2017

جداران في رام الله


(1)

دائمًا ما يُقال أن القالب غالب ، و الحقيقة أني استغرب هذا القول لأن القالب ذاته يتشكل بما يشعر الإنسان به . 
تذبل ملامحه إذ أُصيب بالحزن تقترب العين إلى أن تُغمض وكأنها تنام دون أن تفعل ، تثقل الأطراف و ترتخي الشفتان كأنهما توشكان على السقوط لكنهما تبقيان هناك في الوجه . 
وإذ ما فرح يشعر وكأنه يسمع صوت جريان الدم في شرايينه لهذا الأجدر أن يقال أن " القلب غالب " ، 
أهي مصادفة أن أفكر بكل هذا بعدما أبصرت الرجل في رام الله التحتا ؟ كان يستند إلى الحائط الذي تدلت من جانبه الأيسر أوراق الشجر  ، و رُسم عليه سلمًاأسود يصعده صبي صغير و في آخر السلم رجل يحمل على ظهره خارطة فلسطين  متوسطًا قرص الشمس وقت الغروب ،يبدو كأنه يحرس جنابات الطريق و يمدد للصبي في طريقه فيمضي .
يجلس الرجلُ إلى الجدار في المنتصف بينهما يقبض بيده اليمنى على اليسرى إلا أنه لا يرسلها خلف ظهره كحنظلة و حينما تراه للوهلة الأولى يخيل إليك أنه جزء من الجدارية و كأن الأيادي التي لونت الحائط و منحته هويته و ملامحه امتداد لما تختلج به نفسه ، سأدرك هذا حينما أمر مجددا و لا أجده فأشعر أن المكان خاو ، قالب بلا قلب . 


(2)


جذور الياسمين تستمد روحها من وجه ناجي المرسوم على الجدار المتهالك فتقوى و تتسلقه ، تصل الطرف الآخر منه ، تقترب من وجه ناجي العلي  المرسوم عليه فتبدو وكأنها تريد أن تخبئه ، ترغب بذلك بشدة في الوقت ذاته تعجز عن الوقوف أمام وجه الشهيد فتطلقه كقلب شجرة .




 رام الله التحتا - فلسطين 








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق